“نسهر بالليل كي نغمض عيني صورتها را نشوفها”
كلمات لم تأت من فراغ، فالرجاء هاجس نعيشه كل يوم، لا نراه كفريق 90 دقيقة فقط، بل نعتبره حبا وعشقا يلازمنا في كل زمان ومكان. هناك من ضحى في سبيل هذا العشق، وهناك أيضا من غادرنا إلى دار البقاء.
الرجاء هو الدواء كما قال واحد من الجماعة، ربما كلمة دواء هي صفة غير كاملة لما يمثله الرجاء بالنسبة لنا. نحن كأفراد ألتراس لا نساوم حب هذا الفريق فالرجاء للجميع، لكن حبنا له كان بطريقة ربما لن نستطيع تفسيرها ولا نراه سوى ذاك الملاذ الذي يخفف عنا مساوئ الحياة وعتباتها؛ إسأل أي فرد ماذا تعني لك الرجاء؟ لكن هذا السؤال يجب أن يكون قبل وبعد مباراة ما، وستعرف أن تلك ال90 دقيقة قد غيرت الكثير فيه، وعليها يبني باقي أيامه حتى تأتي المباراة المقبلة. نحن كأفراد ألتراس نفكر في الرجاء على مدار اليوم والساعة بدقائقها ولا يمكن أن نصف مدى الحب والافتخار بالانتماء لهذا الكيان؛ فهل الرجاء إذن بخير ولازال كما عهدناه؟
نادينا ليس بخير! ولحد كتابة هاته الأسطر فهو يعاني، ورغم النتائج التي يعتبرها البعض “إيجابية” إلا أن هوية الرجاء مفقودة بالكامل. أصبحنا نرى النادي الذي أحببناه يتخبط بعدة مشاكل سواء التقنية منها أو الإدارية، وهاته المرحلة تتطلب تعبئة كبيرة من طرفنا نحن جمهوره وسنده الأول حتى نصل به إلى بر الأمان، فالفوز بدون أداء ولا هوية لم يكن يوما من العادة بالنسبة لنادينا الذي عرف باللعب الفرجوي أو كما نُطلق عليه “ضربة فالبالون”
إثنان و سبعون سنة مرت على ميلاد الأسطورة، وهي ذكرى ميلاد غائبة الروح؛ كل عام يمر هو ليس إلا تاريخا يذكرنا بضرورة القيام بمراجعة للذات عبر طرح سؤال: إلى أين وصل الفريق وماذا حصدنا خلال هذا العام؟ السؤال الذي يجعلنا نغوص في العمق لنلمس جوهر العلل
ليس الاحتفال فقط هو إشعال فتيل الشماريخ والافتخار بمرور السنون، بل له بعد آخر ألا وهو الوقوف عند كل نقاط القوة والضعف التي سجلناها خلال كل سنة مرت، لأجل تغيير كل الذي كان سلبيا وبذلك محاولة جعل الفريق أقوى. فالرجاء ليس كما عهدناه وهذا يراه الخصوم قبلنا، والغريب أن البعض منا أصبح يستسيغ هذا الواقع.
لنضع الصورة أمامنا إذن، ماذا جنينا هاته السنة؟ ذرع لقب بطولة غاب ل7 سنوات، أخيرا وبعد طول انتظار عاد لخزينة الفريق (دون أي جهد يذكر للمدرب الحاضر/الغائب، ولولا غرينتا بعض اللاعبين لضاع اللقب)، مرور لنهائي كأس العرب، نصف نهائي عصبة إفريقية غبنا عنها لسنوات طويلة وإقصاء بطريقة لا يمكن لصغيرنا تقبلها بسبب فشل المدرب الهاوي. هناك عدة اختلالات بالفريق كما سبق الذكر، ولهذا مازال هناك عمل طويل ينتظر كل مكونات النادي لأجل تحقيق أكبر قدر من الألقاب هاته السنة، وذلك يتطلب تحضير هوية اللعب الرجاوية الخاصة أمام أعين اللاعبين الذين أصبحوا تائهين وربما غير واعين أنهم بفريق له إرث كروي وزخم تاريخي يهابه الجميع، ف “دقة دقة” منذ البداية كانت ترعب كل من يأتي لمواجهتنا، أما اليوم فقد أضحى الكل يرى الرجاء فريقا عاديا تغيب عنه قوته المعهودة التي كان يستمدها من هويته فيما مضى.. فمهما فزنا إذن أو حصدنا من ألقاب، إلا أنه دون هوية يبقى كل ذلك بلا طعم بالنسبة لنا كمحبين لهذا الفريق
إن للرجاء تاريخا عريقا، خاصة جيل الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية الثالثة، كرة شاملة منقطعة النظير يحبها الخصم قبل الجمهور، موسيقى كلاسيكية بأقدام لاعبين أحبوا القميص قبل المال، فجعلوا جمهور الرجاء يمشي ورأسه مرفوع والنسر يحصد الأخضر واليابس. أيام نريد عودتها لنشفي غليلنا، نريد رجاءنا الذي عهدناه، نريد هويتنا، نريد نسرا يحلق مرة أخرى فوق الأدغال الإفريقية، نريد روح الأجيال السابقة وقتاليتها، نريد الرجاء
