التأصيل العلمي في خدمة إعادة التعريف

التأصيل العلمي في خدمة إعادة التعريف

على الرغم من أن بعض المفاهيم المتعلقة بالحركية أصبحت متعارف عليها أو لا غبار عن مدلولها عند البعض، إلا أن بعض المفاهيم يَشُوبُهَا الغموض واللبس، فتبدو تبعا لذلك غير مستوعبة ضمن ثقافة مجموعة ألتراس معينة، وهذا ناتج عن عدم المعرفة الكاملة لهاته المفاهيم من قبل الأعضاء بل عدم الدراية بعنصر التغير الذي يلحق ميدان الألتراس عموما، الأمر الذي يقف عائقا أمام قدرتهم على تتبع مجريات الحركية وأطوارها

 

للكشف عن الموضوع أو على الأقل مناقشته، وبغية للوصول إلى صيغة صافية ومنقحة، للمضي قدما عبر إضاءة طريق الحركية بالإحاطة بمفاهيمها، ومعرفة أصول ثقافتها؛ نقف هنا أمام ضرورة توضيح الصورة الكاملة لبعض المفاهيم قصد إعادة إثارة النقاش حولها ضمن صيرورة التحولات التي يعيشها عالم الألتراس، ثم بإغناء عقلية العضو وترتيب أوراقه المبعثرة في ميدان الحركية

 

تأسست “الحركية” من خلال مجموعة من القيم و المبادئ المعهودة عند بعض الأعضاء، كنكران الذات والولاء للمجموعة، حب الفريق، التضامن بين الأعضاء و غيرها… ، لكن تأسيس المجموعات صَاحَبه تعقيد نتيجة اختلاط توجهات عديدة في تكييف بعض المبادئ حسب ظروف كل مجموعة والمجتمع الذي تتحرك داخله، فالعنف وعلاقة الألتراس بالإعلام، ومبدأ نكران الذات، كلها تجليات لهذا التعقيد؛ فالعنف الذي يعتبر أحد المسببات في انهيار العديد من المجموعات؛ ظنت أنه الوسيلة الأصح للتغلب والمنافسة، عن طريق المشادات الكلامية الفارغة داخل الصفحات الزرقاء، انطلاقا من بعض الصفحات غير النزيهة الزارعة للفتنة، المُنَوِّمة لقدرة العضو عن التفكير في مصلحة المجموعة، دون تحليل منطقي للوقائع و الأسباب

 

يتداخل مفهوم العنف بين الألتراس والهوليغانيزم، فما علاقة العنف بهما؟ وما مكانته داخل كل حركة وما الفرق بين النمطين التشجيعيين؟

 

ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو إن مجموعة الألتراس لا تأخذ العنف هو المبتدأ والخبر في تحقيق وجودها، فاستعماله غالبا مخالف لما جاءت من أجله، وهذا لا يعني أننا ننكر وقوعها في مشاكل العنف أحيانا فهو لصيق ببِنْيتِها وتاريخها، إنما وجب الإشارة إلى أن العنف الذي ينتج عن هاته المجموعات ما هو إلا ردة فعل متسرعة سنغوص في طياتها في مقال آخر

 

منذ تأسيس المجموعات والإعلام يسهر بحبره الرخيص على إطفاء شمعتها عبر عدة أساليب، إعلام التكرار والتعتيم  والخطاب المزدوج، إعلام منوم مغناطيسيا عبر أقزام تحاول الحصول على المعطف الذهبي بواسطة أقلام  مأجورة، ترش مبيداتها على أعضاء غير قادرة على التحليل والبحث عن الحقائق، دون تفكير منطقي لأحداث ما فتئت أن تُنْسَب للألتراس وتنعتهم نتيجة لذلك بالمجرمين والخارجين عن القانون،  بتقارير ومقالات مكتوبة في صحف صفراء باهتة، راغبين تفكيك خيوط التآخي و الحب بين العضو و مجموعته.وهذا يحيلنا على طرح السؤال المركزي والمفيد معرفيا: ما الحلول لتغلب عضو الألتراس على الوباء الإعلامي ؟ وما دور العضو في هذا الجانب؟

 

بغية الحفاظ على أسرار المجموعة وخططها، تملكت المجموعات مبدأ نكران الذات، باعتباره مبدأ محافظا على روح الجماعة، ومساعدته في تقليل النرجسية وتنحي الرّبِيعَة وسط المجموعات، عبر زرع بذور الحب والتآخي، وتفعيل خاصية الكل للواحد والواحد للكل، مُسَلِّحا- العضو- بالوفاء والإرادة، لكن هذا الإشكال يضعنا أمام تساؤلات كثيرة، منها، كيف يُجَوِّد ويحسن العضو تعامله مع مبدأ نكران الذات في ظل التكنولوجيا الحالية وعصر العولمة؟ وهل للعضو القدرة على تطبيق هذا المبدأ ضمن هذا التطور والتغير الحاصل؟

 

ختاما، ومن خلال كل التساؤلات نسعى الى إثارة نقاش يرتكز على التأصيل العلمي والمستفيض لكل تلك المفاهيم حتى نزيل كل الشوائب بصفتنا طرفا في المعادلة، و أن دورنا كان هو إعادة إثارة النقاش حول كل المفاهيم المتعلقة بالحركية عامة عن طريق نظرتنا المختلفة المرتبطة بالظروف والسياقات تجاوزا، فنحن لسنا مكتشفين فقط كماركو بولو،  بل عن طريق رسائلنا و دخلاتنا و كتاباتنا تصاغ أفكارنا، فسيرى القارئ أننا نحن شباب المجتمع، بل مفكرين لكل فكرة تضع الحركية في تاج من ذهب، باعتبارنا حركة اجتماعية قادرة على تغيير العضو من مستهلك إلى منتج، تُغْنِيه بتغيير محيطه الميت، و النهوض به وسط المجتمع، فحمل الواقع بجدية أمر مهم، فنحن المجتمع …

ربما ننفق كل العمر... كي نثقب ثغرة
ليمر النور للأجيال... مرة!

ربما ننفق كل العمر... كي نثقب ثغرة
ليمر النور للأجيال... مرة!

Copyright © 2024 “Toujours aussi organisé, toujours aussi présent, toujours aussi influent” – Powered by Ultras Eagles 2006 – All Rights Reserved