حرية الفرد والجماعة؛ نحو تحديد جديد
إن المتتبع والمتأمل لحركة التدوين للمجموعة، يجد تسلسلا لمجموعة من الاختيارات المترابطة فيما بينها، بل إنها تشكل خيطا ناظما رفيعا. وتسعى هذه الاختيارات على اختلاف أشكالها وتلويناتها إلى بلورة ذهنية تساير حركة التاريخ وارتقائه. وإذا عرجنا نحو هذه الاختيارات نلاحظ أنها تظهر إما بشكل صاف وسلس، أو تختزل في عبارات وكلمات رخوة، ولا تظهر إلا فيما يحجبها، بل إنها تتوارى في أكثر الصيغ وضوحا. من بين هذه الاختيارات: المفاهيم، المؤطرة لكل تصور أو نظرة في المجموعة، ابتداء من مفهوم الجماعة كما تتصوره-هي، إلى الانتماء، مرورا بالحرية ونكران الذات وغيرها من المفاهيم. وعلى هذا الأساس، ارتأينا أن نسلط ضوءا جديدا عن مفهوم الحرية في إطار ثنائية الفرد والجماعة داخل الألتراس
أُسيلَ الكثير من المداد حول مفهوم الحرية وعقدت حوله مؤتمرات وندوات عديدة، لكننا اليوم بصدد معالجة إشكالية متولدة عن ثنائية الفرد والجماعة. الفرد أيُّ فرد، له تصور للحرية، يندمج داخل المجتمع، فيصبح هناك معنى آخر للحرية لديه، ينصهر داخل جماعة فينتقل من حرية إلى حرية أخرى. هل تنتفي حرية الفرد الأول في هذا المضمار؟ إذا كان الجواب بالنفي؛ فإن كل المشاكل المترتبة قد حُلّت وتم الوفاق، إذا حصل العكس فيجب إعادة بناء علاقة الفرد بالجماعة حسب المشترك بينهما. قد يقول البعض الجماعة ليست في حاجة إلى من يتعارض وحريتها. هذا السؤال قد يحجب بعض الرؤية عن قيمة الفرد داخل الجماعة، فتكوين الفرد هو الذي جعله ينتمي لتلك الجماعة بل إن اكتسابه لحرية ما، وفَّر له تراكما يفيد الجماعة ويطورها
إن الوفاق الذي نتحدث عنه؛ بداية لانصهار الفرد في الجماعة وتبلور لمفهوم الانتماء، فيصبح الفرد هو الجماعة والجماعة هي الفرد في تفكيره وسلوكياته واختياراته، وهنا لا تنتفي حرية الفرد بقدر ما يعاد ترتيب بعض الأولويات المفيدة للكل، و”الأبونتو” في هذا السياق شارح لكل ما ذكرناه فهو يعطي مساحة كبرى ومعرفة مُنتجة لإشكالية الحرية ضمن ثنائية الفرد والجماعة
يأتي العضو في بداية الموسم لينخرط في المجموعة. قد يكون مطلعا إما من خلال تتبع المجموعة أو من خلال تشربه-بفعل التواتر- منطقها؛ بأن الايغلز تؤكد على هذا الشرط وهذا والآخر. قد يقرأ الشروط وهو ينتظر دوره للانخراط، أو لا يقرأ المنشور، فلا يعير اهتماما لمسألة الشروط فهي لا تشكل له أي عائق؛ يريد الانخراط كما أَلِف وكفى. إن العضو الذي يساير المجموعة ويتابع اختياراتها كيفما كانت، تكون علاقته بالمجموعة أكثر قوة ومتانة، فهو متتبع ويعرف أين تكمن قوة علاقته بالمجموعة، فلا يحاول الدخول في متاهات قد تعكر صَفوه وصَفوَ المجموعة. أما العضو الثاني هو الأكثر عرضة لخلق التوتر بينه وبين المجموعة ويصبح فيما بعد يتساءل عن مدى قيمة الفرد داخل المجموعة، هذا إن تساءل. يأتي، كما قلنا، ويعرف من بعيد بعض شروط المجموعة بل إنه يدافع عنها بشراسة أحيانا، لكن في لحظات معينة يمارس نوعا من الانتقاء غير المُدرَك لشروط المجموعة، فهو يدافع عن مبدإ الألتراس للرجال لكنه يغفل مبدأ نكران الذات. يدافع عن قرارت المجموعة وينسى أنه قوة اقتراحية…، هذا من جهة من جهة ثانية، أفراد ينخرطون لديهم تراكما قبل ولوجهم للمجموعة، وهذا التراكم يؤثر سلبا على المجموعة لأن تأثير بعض اختيارات الفرد في حياته الشخصية قبل دخوله المجموعة تكون شاذة بالنسبة لشروط وتاريخ وهوية المجموعة، كأن يكون فردا في مجموعة معادية أخرى أو مُتوَرِّطا في قضايا مشبوهة…، في المجمل له ماض سيء وتأثير هذا الماضي مايزال مستمرا. في هذا السياق ترفع الجماعة شعار حريتها وتدافع عن تاريخها وهويتها، فتحاول جاهدة أن تعالج إشكالية تعارض هويتها وتاريخها مع اختيارات الفرد قبل انتمائه، وهنا سأطرح مثالا: لِنَقُل، إن أحد الأعضاء النشيطين كان يعمل بجد ومثابرة وأكثر إفادة ومعروف أنه منتمي لتلك المجموعة، لكن حصل أن ترك المجموعة فترة من الزمن فلم يعد ضمن الجماعة فكانت له حياة أخرى لم تعد تؤثر فيها المجموعة، يأتي مرة أخرى وينخرط ويتابع عمله، فيظهر أن هناك مشاكلا تلاحقه، كأن يُسَرَّبَ له فيديو يقوم ببعض الأفعال المشينة أو الغريبة، أو انساق وراء حب الظهور وتناسى مبدأ نكران الذات فلازمته تداعيات تلك الصور…، إن هذا الانتقال بين حياة الفرد قبل انتمائه للجماعة وبعد الانتماء، ثم ترك المجموعة؛ وبالتالي اتساع رقعة الحرية الفردية لديه، ليعود بإكراهات هذا الاتساع- هو جوهر المشكل. فالحرية هنا تتنوع وتتلون حسب طبيعة هذا الانتقال
مجمل القول، إن فهم علاقة الفرد/الجماعة، تقتضي ضرورة استيعاب الطرفين مدى أهمية المشترك بينهما، وبلورته وتأصيله. إن انصهار الفرد في الجماعة لا يعني المساس بحرية الفرد. بل إن هذا الأخير يصبح في مركز قوة ويكتسب حريات أخرى فتصبح هنا، المطالبة جماعية ورفع الشعار جماعي
✌????✌????
✌️✌️✌️
✌✌
الفرد هو الجماعة و الجماعة هي الفرد