ultras eagles

 

 

 

 

ربما يكون المتعارف عليه لدى العموم أن مصطلح “الجماعة”، يُرمز من خلاله إلى تجمع بشري أفراده يعيشون النمط الواحد، يعتنقون أيديولوجية معينة أو سردية من كبريات السرديات تجعل من فردانيتهم تنصهر وتذوب، فيحل محلها بالتالي الخضوع والتبعية؛ إما نتيجة لغياب الحس النقدي الذي يعطل ملكة العقل أو كنتيجة للخوف من فكرة التغريد خارج السرب وخسارة الجماعة، لتصبح العاطفة آنذاك المحرك الأول والأخير، خاصة وأننا نعلم حاجة الذات الإنسانية إلى الانتماء. وبإمكاننا الاستشهاد في هذا الصدد بنظرية الدافع البشري التي صاغها عالم النفس الأمريكي “أبرهام ماسلو” سنة 1943 على شكل هرم يرتب حاجيات الإنسان، حيث تحتل مكانة الحاجات الاجتماعية مركز الهرم

 

إن هذا بالذات ما لا نريد أن يسقط فيه أفراد مجموعتنا؛ وحتى لا يختلط الأمر على القارئ، فنحن لا نعني أبدا أننا ننبذ ذوبان الفرد داخل المجموعة فيما يخص الدفاع عن الفريق وتشجيعه والانخراط في باقي أعمال المجموعة، بل نحبذه. ولكننا نخشى الفهم الذي ينحو منحى الشمولية في ذاك الذوبان، الفهم الذي يصيب الاستقلالية الفكرية للفرد في مقتل، فيفصله بذلك عن كينونته الطبيعية التي هي الاختلاف، ويجعله شخصا ينقاد طواعية، وبالتالي يخلق شرخا بينه وبين الحرية التي ينادي بها متى تسنت له الفرصة

 

يجب على الفرد منا أن يعي أولا ما معنى أن يكون فردا، لأنه لا يمكن لهاته التسمية أن تصح في ظل غياب شَرطي الاستقلالية والحرية. وسنحاول تناول الاستقلالية هنا في شقها الفكري على وجه الخصوص حتى نلامس صلب الموضوع. فالمراد من أن تكون مستقلا فكريا يعني أنك قادر على التفكير بمعزل عن الآخرين، وليس المقصود هنا أن تعاكس التيار كِبرا وتعاليا لأجل إرضاء أناك (من الأنا أو الإيگو) أو أن تدع اختلافك الفكري مع شخص ما يصبح محط خلاف بينك وبينه، بل فقط أن تكون لك أيضا رؤيتك الخاصة للمحيط في شتى الأمور والموضوعات، وتتمكن بذلك من بناء مواقف وترسيخ قناعات لا يهم أن يتبناها غيرك أو يقف ضدها، ما يهم فقط هو أن تكون راضيا عند اختيارك لها، ومستعدا لتحمل المسؤولية في ذلك

liberte de penser

أما فيما يخص الحرية، فلا يمكننا أن نفصلها عن الاستقلالية، ومن دون الأولى لن تتحقق الثانية، لأن شرط تحقق الاستقلالية -الفكرية تخصيصا- هو أن يكون المرء حرا طليقا بأفكاره وزوايا رؤاه، خارجا عن قفص الجماعة ومتجاوزا للحدود المرسومة سلفا من طرفها؛ تلك الجماعة التي تعمل على تصفيد أدمغة البشر وجعلهم يعرفون قصورا ذاتيا إدراكيا، وبذلك تساهم في خلق تابعين لا يجيدون سوى طأطأة الرأس. ونستطيع القول بأن الروح تواقة دائما إلى الحرية، وجوهر هاته الأخيرة لا يكمن إلا في الفكر، وإن غابت عن الإنسان حريته في التفكير فلا قيمة له، وبالتالي لا معنى لحضوره كجسد لأنه حينئذ لن يكون أكثر من كومة لحم وعظم، لا طائل منها في نهاية الأمر

 

لم يأت تطرقنا لهذا الموضوع عبثا، بل نرى في ذلك ضرورة ملحة لكي نحيط أعضاءنا علما بأن ما تم ويتم رفعه من شعارات في بداية كل موسم انخراط، على سبيل المثال: “أنت الجماعة ولو كنت وحدك” أو “جماعة برتبة وطن” أو “الأوبونتو”، لا يمكن لها أن تصب أبدا في المعنى الكلاسيكي المتعارف عليه لمفهوم الجماعة، لأن في ذلك تناقضا صارخا مع طموح المجموعة في الرقي بمستوى وعي وفكر أعضائها خاصة وباقي المتتبعين لأعمالها عامة، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يستقيم جمود الجماعة التي تطمس حرية الفرد واستقلاليته، والطموح في الرقي

 

إلى جانب هذا، وجب كذلك التذكير بأن الهدف كان دوما ومنذ البداية من تأسيس المجموعة، أن تكون سندا لفريقنا الغالي في كل المحطات وتحت وطأة كل الظروف، فأساس القضية مبدأ عنوانه “العطاء اللامشروط”، وليس رفع شعارات تخرج الأفراد من قطيع بشري وتدخلهم في كنفِ آخَرٍ